تنتشر بيئات المانجروف على سواحل البحر الأحمر وخليج عدن وخصوصا في الجزء الجنوبي من جنوب البحر الأحمر، حيث تشكل هذه البيئات جزءا مهما من منظومة الحياة النباتية الساحلية؛
فنظام جذورها المعروفة بالجذور الهوائية والتي تبرز فوق سطح الأرض تحيط بالأشجار لتشكل أيكات كثيفة على امتداد الساحل تعمل على ترسيب التربة وتحمي بذلك الشواطىء من التعرية، كما تعزز بيئات المانجروف تنوعا هائلا للمجموعات الحية منخلال توفير المأوى لانواع كثيرة من الحيوانات والطيور البحرية والأسماك واللافقاريات الهامة تجاريا، كما تشكل الأوراق والفروع الميتة لأشجار المانجروف مصدراً هاماً للمغذيات التي تثري الانتاجية الاولية في البيئة البحرية.
الأنواع والأشكال:
يضم المانجروف حوالي 70 نوعا تنتمي إلى 20 عائلة نباتية مختلفة في العالم.
يتواجد في إقليم البحر الأحمر وخليج عدن أربعة أنواع أبرزها نوعي Avicennia (القرم) Rhizophora(الجندل).
يتراوح حجم أشجار القرم في الإقليم من شجيرات صغيرة لا يتجاوز طولها المتر إلي أشجار كبيرة نسبيا يصل طولها إلي 4-7 أمتار، بينما يتراوح محيط الساق من حوالي 20 سم إلي قرابة المتر. لكن في أماكن مثل الأرج في اليمن وجزيرة مسكالي في جيبوتي وآركيياي في السودان وجازان في السعودية تبلغ أطوال بعض أشجار القرم حوالي العشرة أمتار وينمو محيط سيقانها إلي أكثر من مترين.
يعد نوع Rhizhophora (الجندل) ذو أهمية اقتصادية عالية لتميز أشجاره بكبر الحجم وجودة الخشب مقارنة بأشجار (القرم). تتراوح أطوال أشجار الجندل جيدة النمو في أماكن مثل قودورية وخورعنقر وجزيرة موشى في جيبوتي ما بين 9-14متر، إلا أن إنتشار هذا النوع بسواحل البحر الأحمر وخليج عدن محدود للغاية.
الوجود التاريخي:
أشجار المانجروف معروفة منذ القدم؛ فقد وصفها ثيوبراتس (Theopratus) في كتابه المعروف بتاريخ النبات”Historia Plantarum” عام 350 ق.م، كما ذكر بليناي (Pliny) عام 77م. في كتابه “تاريخ الطبيعة Historia Naturalis” وجود أنواع من هذه الأشجار على ساحل البحر الأحمر. هذا وقد ذكر عالم النبات العربي أبوالعباس النبطي أشجار المانجروف في كتاباته عن رحلاته في جزيرة العرب، حيث أورد وصف نوعين منها: نوعRhizophora والذي أطلق عليه اسم القنديلة ونوع Avicennia والذي أطلق عليه اسم القرم، والجدير بالذكر أن هذين الاسمين استمر استعمالهما في اللغتين العربية والسواحلية حتى اليوم.
التوزيع الجغرافي:
يعتبر نوع Avicennia marina (القرم) أكثر أنواع المانجروف إنتشارا في سواحل البحر الأحمر وخليج عدن بسبب مقدرته الفائقة على موائمة ظروف الجفاف والملوحة العالية السائدة بالمنطقة. تتناقص كثافة غابات المانجروف كلما اتجهنا شمالا حيث يمتد توزيعها على سواحل البحر الأحمر حتى شبه جزيرة سيناء.
التهديدات والصعاب:
تعتبر الظروف البيئية في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن- مثل درجة الحرارة ونسبة الملوحة- من الحدود القصوى للمدى الفيسيولوجي الذي تستطيع تحمله نباتات المانجروف، مما يجعلها شديدة الحساسية للضغوط البيئية، حيث تتدهور أشجار المانجروف وتتعرض للاجتثاث بفعل الكم الهائل من أعمال التطوير واستغلال المساحات الساحلية ، فعلى سبيل المثال هي تتعرض للدمار بفعل تغيير استخدام الأرض وتقتلع لبناء المزارع السمكية، وفي المناطق الساحلية حيث الازدياد السريع للسكان يتم قطع الأشجار بغرض استخدامها كخشب للبناء أو الوقود، كما أن الجمال التي تتغذى على أوراقها تحد من ارتفاعها وإنتاجيتها وقدرتها على التكاثر، بالإضافة إلى أن بناء السدود على مجاري السيول و الوديان يقلل من انسياب مياه الامطار والطمي الى مناطق تواجد المانجروف بالسواحل ويتسبب ذلك في تدهور نمو الاشجار ، أضف الى ذلك أن بناء الجسور الصغيرة والممرات عبر الشواطئ يؤدي إلى حجز مياه المد عن بيئات المانجروف مما يتسبب في موت الكثير من الأشجار في عدة مناطق.
ولتدهور أشجار المانجروف آثار بعيدة المدى تتمثل في تدهور المخزون السمكي والصيد البحري وتعريض الشواطىء للتعرية، كما يؤدي ذلك الى تهديد مجموعات مهمة من الكائنات البحرية وفقدان التنوع الحيوي ، وتكمن العوامل الرئيسية لتدهور بيئات المانجروف في نقص التوعية بأهمية دورها في البيئات الساحلية والبحرية، وأيضاً لقصور القوانين الخاصة بحمايتها واجراءات تطبيق القوانين ، و الاستخدام المحدود لإجراءات التقييم البيئي.
جهود المحافظة:
أجرى المختصون الذين دربتهم الهيئة أعمال مسح مكثفة لبيئات المانجروف في المنطقة بغية تقييم الوضع الحالي لهذه البيئات الرئيسية وإعداد الخطط اللازمة للمحافظة عليها، وبناءا على برنامج المسح الذي نظمته تم اعداد تقارير وطنية عن الوضع الراهن لبيئات المانجروف في كل من جمهورية جيبوتي وجمهورية السودان و الجمهورية اليمنية وجمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، وقد تم ايضا اعداد تقرير اقليمي شامل.
وقد وفرت هذه التقارير قاعدة مهمة من البيانات لقائمة الموجودات الوطنية بالإضافة إلى معلومات هامة تشكل أساسا للبيانات اللاحقة التي يمكن مقارنتها لمتابعة وقياس التغيرات التي قد تنتج جراء العوامل الطبيعية أو التدخلات البشرية. وتم تجميع كافة البيانات المتعلقة ببرنامج رصد المانجروف وأنشطة المحافظة عليها في قاعدة معلومات شاملة تابعة لنظام المعلومات الجغرافي GIS للهيئة.
توحيد طرق المسح:
طورت الهيئة طرق علمية موحدة للمسح يمكن تطبيقها على المستوى الإقليمي لتسهيل رصد حالة الأنواع والبيئات الساحلية والبحرية المهمة في الاقليم. وقد عقدت الهيئة، منذ 2001، سلسلة من الدورات التدريبية لتدريب المتخصصين من دول الهيئة على طرق المسح الموحدة والتي تناسب كل منها البيئة الطبيعية والتركيبة العشائرية للانواع في البيئات التي يتم رصدها.
جهود المحافظة على بيئات المانجروف:
أعدت الهيئة خطة عمل إقليمية (RAP) بناءاً على المعلومات المسبقة التي نتجت عن أعمال المسح، هدفها المحافظة على بيئات المانجروف في البحر الأحمر وخليج عدن. وتعتمد الخطة على تطبيق الأسس الحديثة اللازمه للحفاظ على بيئات المانجروف ، بالإضافة إلى أساليب المحافظة التقليدية، كما أنها تشمل بيئات المانجروف في كل دول الهيئة.
وتتضمن الخطة مجموعة من الأهداف الرئيسية والنشاطات المحددة للتنمية المستدامة والتي تضمن الحفاظ على بيئات المانجروف والبيئات الطبيعية الاخرى في البحر الأحمر وخليج عدن، وتناقش الخطة- تحديدا- الاساليب التي يمكن بها تحقيق المحافظة على بيئات المانجروف وادارتها المستدامة من خلال ستة مكونات تحتويها الخطة، وهي: الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية؛ التثقيف والتوعية؛ المناطق البحرية المحمية؛ الاستخدام المستدام لأشجار المانجروف؛ تخفيف آثار التلوث؛ والرصد والمراقبة والتقييم الاقتصادي.
وبالإضافة إلى خطة العمل الإقليمية، فقد أعدت الهيئة بالتنسيق مع الدول الأعضاء خطط عمل وطنية للمحافظة على بيئات المانجروف خاصة بكل دولة، حيث تتكامل هذه الخطط مع الخطة الاقليمية الشاملة.–removed