مفهوم ومعايير المحميات الطبيعية

المحمية أو المنطقة المحمية هي منطقة جغرافية محددة المساحة ( برية أو بحرية ) تُخصص للمحافظة على كائنات حية أو موارد بيئية متجددة او مهددة أو نظام جيولوجي معين أو تراث تاريخي أو حتى تراث ديني ، ويُشرف عليها من قبل هيئة حكومية  معينة،  

وتعتبر المحميات من الأعمال الجليلة التي قام فيها الإنسان عندما شعر أن خطر إزالة واختفاء العديد من النباتات التي كان يعتمد عليها لتلبية احتياجاته اليومية . 

فبعد أن أصبحت المشكلات البيئية ظاهرة بارزة لما تسببه من خلل في التوازن البيئي وانهيار الأنظمة البيئية وفقدان التنوع الحيوي وتصحر الأراضي وانقراض كثير من الكائنات الحية البرية والبحرية. وللحفاظ على النظم البيئة وما تبقى من هذه الموارد الحيوية أتت أهمية إنشاء المحميات الطبيعية كونها أحد الوسائل الهامة في إعادة تأهيل تلك المناطق من التدهور وبقائها واستعادة تواجد تلك الكائنات المعرضة للانقراض ويتضح ذلك من التاريخ الطويل للمناطق المحمية منذ القدم، ففي عام 252 ق.م أقر إمبراطور الهند أسوكا قانون حماية الحيوانات والأسماك والإحراج وهو أول عمل موثق ، وفي الصين وأوروبا تم إنشاء مناطق صيد للملوك وأخرى للأغنياء وأصحاب السلطة وقد أقيمت أول حديقة في العصر الحديث في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1872م تسمى الصخرة الصفراء . 

أما في الوطن العربي فان  ابرز شواهد الإنسان على الموارد البيئية الطبيعية هو عندما بدأ الفينيقيون تجارتهم المربحة في خشب الأرز من جبل لبنان مع فراعنة مصر القديمة والبابليين والأشوريين وقد تركت تلك التجارة أثارا مدمرة وقد قيل أن الإمبراطور الروماني هادريان  (117-138) قبل الميلاد والذي هاله تدمير أحراج الأرز اللبنانية إثناء جولته قي الجانب الشرقي من إمبراطوريته أمر بمائة نقش حجري كشواهد لما بقي حيا من غابات الأرز لتكون عقارا إمبراطوريا الأمر الذي يعتبر من أول الإجراءات في التاريخ لإنشاء محميات طبيعية في المنطقة فقد تم الحفاظ على هذه الثروة قديماً بالاعتماد على الأنظمة التقليدية وأهمها نظام المحاجر (في جنوب شبه الجزيرة العربية ) و نظام الحمى التقليدية (في بلاد الشام )وأعراف حماية الحياة البرية الحيوانية وذلك عبر تحديد مواعيد الصيد وقنص الحيوانات البرية وأنواعها وأعراف أخرى لاستخدام الأراضي والمياه وجمع الحطب من الأشجار الميتة وقد تم تأكيد العديد من هذه الأعراف بعد ظهور الإسلام الحنيف لارتباط تلك الموارد بحياة السكان فقد دعا الإسلام إلى الحفاظ على البيئة وحمايتها، والعدل في الاستفادة من مواردها، وجاء في الحديث الشريف الذي رواه البخاري أن “الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار” وهي إشارة واضحة لعدم استئثار مجموعة من البشر بالموارد واستنزافها دون أخذ نصيب غيرهم في الاعتبار، الأمر الذي اصطلح عليه حديثاً باسم التنمية المستدامة Sustainable development.  

كذلك حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الاقتصاد في تسخير الموارد للنفع الإنساني بل وعدم الإسراف في استهلاكها حتى في العبادات حين نهى سعداً عن الإسراف في استخدام الماء للوضوء ولو كان المسلم على نهرٍ جار، كما يُعدّ الحرم المكي في مدينة مكة والحرم المدني في المدينة المنورة محميّتان طبيعيّتان، لا يجوز فيهما الصيد ولا اقتلاع النبات الحيّ ،كما أن الإسلام قد نهى عن التسري بقتل الطيور والحيوانات إذا لم يكن لذلك هدف الانتفاع والأكل.  

ومن الأحاديث الشريفة التي تدعو إلى الحفاظ على الحياة النباتية ما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري: “إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها.. فليغرسها”.   

 ومع تزايد عدد السكان في الوطن العربي وانهيار النظم التقليدية في إدارة الموارد الطبيعية وازدياد الطلب على تلك الموارد وحفاظا على ما تبقى من حياة برية  نباتية وحيوانية  تم إنشاء المناطق المحمية في كثير من المواقع المختلفة في الوطن العربي. 

أنواع المحميات الطبيعية : 

أقر الاتحاد الدولي لصون الطبيعة IUCN عدة أنواع من المحميات كما حددت منظمة اليونسكو أنواع أخرى من الحماية وهي كالتالي : 

  • المحميات العلمية : 

حماية تامة للنظم البيئية ورصد للأنواع المتأصلة فيها والتفاعلات البيئية الطبيعية بغرض الأبحاث العلمية والتعليمية . 

  • المتنزهات القومية : 

حماية المناطق الطبيعية الخلابة ذات الأهمية الوطنية أو العالمية وتخصص للأغراض العلمية والتعليمية والترويح عن النفس وهي منطقة محمية تدار بشكل رئيسي لحماية النظام البيئي والاستجمام . 

  • محمية المعالم الطبيعية : 

تخصص لحماية وصيانة الأشكال الطبيعية ذات الأهمية الوطنية والعالمية بسبب أهميتها الخاصة أو مميزاتها الفردية من الخواص الدولية أو التعليمية وتشكل الصفات الطبيعية الموروثة للبلدان ( مساحات صغيرة نسبياً ). 

  • محميات حماية الطبيعة: 

حماية وصيانة الأنواع ذات الأهمية الوطنية بصورة طبيعية أو لحماية مجموعات من الأنواع أو المجموعات الحيوية أو الأشكال الفيزيائية للبيئة وتكون النشاطات الأساسية في المحمية هي الأبحاث العلمية ومراقبة البيئة والتعليم البيئي . 

  • حماية المناظر الطبيعية : 

تخصص بشكل رئيسي لصون المناظر الطبيعية البرية والبحرية والاستمتاع بالطبيعة . 

  • محميات الموارد الطبيعية : 

تختص بشكل رئيسي بأطوار الطبيعة المتجددة كالغطاء النباتي والموارد المائية والحياة البرية والأحياء المائية والموارد البحرية وترشيد استخدام الموارد الطبيعية غير المتجددة كالطاقة الأحفورية لتحقيق التنمية المستدامة .  

  • المحميات الإنسانية الطبيعية : 

تخصص لحماية مناطق طبيعية يكون الإنسان جزءاً أساسياً فيها بحيث تدار بكيفية تسمح للمجتمعات الإنسانية التعايش بانسجام مع هذه البيئة دون الإضرار بها . 

  • المحميات الطبيعية للاستخدامات المتداخلة والمتعددة : 

تخصص هذه المحميات لأغراض الاستعمالات المتعددة للموارد الطبيعية بطرق مستدامة. 

  • محميات المحيط الحيوي : 

تنشأ لغرض حماية المجتمعات الحيوية ( نباتية وحيوانية ) الموجودة ضمن النظام البيئي الطبيعي من حيث أختلافاتها وتكاملها وذلك للاستعمال في الحاضر والمستقبل ولحماية الاختلافات الوراثية للأنواع التي يعتمد عليها في تطورها وتدار لأغراض الأبحاث والتعليم والتدريب . 

  • مواقع التراث الطبيعي العالمي : 

تنشأ لغرض حماية الأشكال الطبيعية في المواقع التي تعتبر ذات صفات عالية موروثة. 

شروط و معايير المناطق المحمية: 

  • عندما يتوفر في المنطقة نظام بيئي متميز (مثلاً كالمجموعات الحيوانية المتوطنة في الغابات المطرية ). 
  • عندما يوجد في المنطقة نوع بيئي متميز سواء بقيمته أو ندرته أو نوع معرض الانقراض. 
  • عندما يوجد في المنطقة تنوع عادي لأنماط الأحياء. 
  • حفظ المصادر الوراثية النباتية والحيوانية التي تتوطن المنطقة المحمية . 
  • عندما يكون لشكل السطح أو للعوامل الجيوفيزيائية أهمية خاصة كوجود الينابيع، أو مناطق جيولوجية فريدة. 
  • عندما تكون المنطقة بحاجة لإجراءات لحماية العوامل الهيدرولوجية (التربة، الماء والطقس المحلي). 
  • عندما تكون المناطق ذات أهمية للسياحة البيئية (بحيرات، شواطئ، مناطق جبلية، حياة برية). 
  • عندما تشتمل المنطقة على مواقع لها أهمية للبحوث العلمية طويلة الأمد. 
  • عندما تحوي المنطقة مواقع أثرية أو دينية. 

أهداف المحميات 

أهم أهداف تطبيق المحميات الطبيعية: 

  • الحفاظ على النظم البيئية التي ترتبط باستمرارية الحياة وبقاء الإنسان ، وذلك من خلال حماية الأنواع النباتية والحيوانية الموجودة، وخاصة المهددة منها بالانقراض. 
  • دعم البحث العلمي في مجال الأحياء والنظم البيئية، بالإضافة إلى صون وحفظ المصادر الوراثية النباتية والحيوانية المتوطنة. 
  • الاستخدام المستدام للموارد الحيوية والنظم البيئية الطبيعية. 
  • الاستثمار السياحي البيئي للمحمية بالشكل الذي لا يؤثر سلبا من مكوناتها الحيوية. 
  • التربية البيئية وزيادة الوعي الاجتماعي بأهمية الكائنات الحية للحياة على الأرض. 

المحميات الطبيعية في اليمن : 

يوجد في اليمن ثمان محميات طبيعية معلنة وهي بحسب الترتيب الزمني للإعلان : 

  1. محمية عتمة 
  2. محمية أرخبيل سقطرى . 
  3. محمية حوف. 
  4. محمية غابة بُرع. 
  5. محميات الأراضي الرطبة بعدن. 
  6. محمية شمال جزيرة كمران . 
  7. محمية وادي عنة . 
  8. محمية ملحان . 
–removed

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *